المساهمات : 192 تاريخ التسجيل : 02/03/2013 العمر : 50
موضوع: التاجر الأمين الأحد 24 مارس 2013, 16:27
طهر السوق
لو جمعك مجلس ببعض الزملاء والأصدقاء، فأرجو أن تسألهم هذا السؤال: هل حاول بعض الباعة خداعك أثناء شراء سلعة معينة من السوق؟ وأرجو منك أن تستعد لسماع كمية كبيرة من القصص التي تبين مدى استسهال بعض التجار غش وخداع الناس أثناء البيع والشراء، وكل هذا يتم تحت شعار «التجارة شطارة»، وصدقوا في كلامهم فكلمة «الشاطر»، قد تدل على السرقة واللصوصية من حيث الاستعمال اللغوي.
وأحياناً يفرح بعضهم بغش الناس وخداعهم أثناء البيع فرحاً عظيماً، وقد يعدّ هذه الفعلة القبيحة ذكاء ونباهة منه، نسأل الله العافية والسلامة، كأنه نسي أن هذه الأفعال من أسباب محق البركة.
إن التجارة باب عظيم جداً من أبواب الرزق والخير، وقد كان جمع من الصحابة الكرام، رضي الله عنهم، تجاراً يبيعون ويشترون مع أمانة تامة، وبُعد كامل عن غش الناس وخداعهم، فلا مانع من أن يأخذ التاجر ربحاً أثناء بيعه وشرائه، لكن الممنوع منه أن يكون جشعاً محتكراً طامعاً في الربح الوفير، ولو كان هذا الربح قائماً على الكذب واليمين الكاذبة، وهذه حال بعض التجار، للأسف الشديد، يحلف أغلظ الأيمان بأن هذه السلعة من البلد الفلاني، وهو كاذب في حلفه ويمينه، ويقسم بأن فائدته من هذه السلعة كذا وكذا من الدراهم، وهو كاذب في يمينه أيضاً، بل بعضهم قد يبيعك الشيء المستعمل على أنه جديد، أو يضيف إلى قيمة مشترياتك مبلغاً قليلاً لا تشعر به يأخذه من غير حق، وهذا المبلغ اليسير يصبح كبيراً جداً لو أخذه من عشرة أشخاص أو أكثر، وبعضهم يعِدك إن اشتريت السلعة منه بصيانة دورية بعد الشراء، لكنك بعد إعطائه المال قد لا تراه مرة أخرى.
هذه بعض صور الغش والخداع التي يحترفها بعض أهل السوق، متناسين حديث النبي، صلى الله عليه وسلم: «من غش فليس منا».
إن التجار بأمسّ الحاجة إلى تذكير دائم بأهمية المال الحلال، فبالإضافة إلى القوانين الحازمة هم يحتاجون أيضاً إلى تذكير دائم بأهمية الصدق في التجارة، وضرورة أكل المال الحلال، والبُعد عن الحرام، فكيف يطيب للتاجر أن يُطعم أسرته مالاً أخذه بسبب غشه يتيماً أو أرملة أو مسكيناً أو فقيراً!
فليست المسألة ربحاً مالياً فقط، بل المسألة حساب سيقع على الإنسان يوم القيامة، وكم أتمنى من جميع التجار أن يتأملوا قول نبينا، صلى الله عليه وسلم: «التاجر الصدوق الأمين مع النبيين والصديقين والشهداء».
فكما أن بعض التجار من أهل الكذب والغش، فإن بعضهم أيضاً من أهل الصدق والأمانة والسماحة في البيع والشراء، فهذه النوعية قد تكون قليلة أو نادرة في نظر كثير من الناس، لكن نرجو أن يكون جميع التجار مثلهم.